mercredi 30 mars 2011

المنارة للإعلام: سليم نصر الرقعي : نحو ليبيا ديموقراطية وطنية..لا علمانية ولا دينية!؟

2011

سليم نصر الرقعي : نحو ليبيا ديموقراطية وطنية..لا علمانية ولا دينية!؟

نحو ليبيا ديموقراطية وطنية..لا علمانية ولا دينية!؟
- هذه رؤيتي وهذا رأيي -
شخصيا ً شعرت بإرتياح كبير نحو "الأسس العامة" التي تحدث عنها الأخوة في المجلس الوطني المؤقت في رؤيتهم السياسية لهذه الدولة الديموقراطية التي ننشدها [1] مع علمي أن هذه "الرؤية" كانت نتاج مناقشات ومشاورات عدة تمت مع العديد من الجهات وخصوصا ً الشخصيات الليبية الأكاديمية المتخصصة في القانون والفقه الدستوري والعلوم السياسية وهذا أمر جيد .. وقد يكون لبعضنا بعض التحفظات أو بعض الإضافات
التي يريد الإدلاء بها وهذا شئ طبيعي بل ومطلوب بل لعل هذا هو أحد الأهداف المرجوة من إطلاق هذه "الرؤية" لتكون بمثابة الإنطلاقة الأولى للحوار الوطني الليبي/الليبي الراقي والواعي المرتقب بين الليبيين فيما يتعلق بأسس ومعالم نظامهم السياسي والإداري الجديد الذي يريدون إحلاله محل نظام القذافي الديكتاتوري المباد .. فهذه (الورقة/الرؤية) بكل تأكيد ليست قرآنا ً منزلا ً فهي مجرد خطوط عريضة وأسس عامة يمكن مناقشاتها فيما بعد بشكل نخبوي وشعبوي في كل مناطق ليبيا وكل وسائل الإعلام .. فبكل تأكيد أن هناك عملية حوار وطني مفتوح وواسع النطاق ستنطلق فور القضاء على الطاغية القذافي وتخليص عاصمة دولتنا طرابلس من قبضة عصابته المجرمة .. ليدلي كل الليبيين من خلال هذا الحوار الوطني بأرائهم عن ماهية المواد والحقوق والواجبات والثوابت العامة والغايات التي يريدون تثبيتها في دستور دولتهم وعقدهم الإجتماعي السياسي الجديد ثم تكون هناك لجنة وطنية تقوم ببلورة ما إتضح أنه من الثوابت الوطنية القطعية للمجتمع الليبي وما إتضح أيضا ً أنه من المتفق عليه بين جمهور الليبيين في مسودة دستور ثم يتم عرض هذا الدستور للإستفتاء الشعبي المباشر .. وما ذكروه هنا في هذه "الرؤية العامة" يبدو لي بالفعل أنه سينال إتفاق أغلب الليبيين مثل قولهم أن (الإسلام دين الدولة) وأن (العربية هي اللغة الرسمية) فيها وأن (طرابلس عاصمتها) وأن هذه الدولة ستكون جمهورية أسمها (الجمهورية الليبية).
ليبرالية علمانية أم إسلامية دينية؟
أنا شخصيا أعتقد – والله أعلم!- أن غالبية الليبيين سيكون مع هذه الأسس والمقاصد العامة مع عدم إنكاري أن هناك بعض الليبيين سيعارضون هذه الثوابت الاجتماعية الوطنية المتفق عليها من قبل السواد الأعظم من "الأمة الليبية" وسيرفضون هذه المواد !!!.. فبعضهم سيقول لنا نحن نريد ليبيا دولة (علمانية ليبرالية) لا علاقة لها بالدين أي يريدونها "ليبرالية علمانية" بالطريقة المتواجدة في الغرب الليبرالي وربما بعضهم سيعارض بشكل صريح المادة التي تقول أن الاسلام دين الدولة!!.. وجوابنا سيكون : أليست السلطة والكلمة في النظم الديموقراطية لجمهور الأمة؟.. أليست الديموقراطية في أبسط معانيها تعني أن تعكس الدولة بقوانينها وسياساتها وقياداتها إرادة المجتمع الأهلي الوطني ومتطلبات الشعب؟؟ ..فهل تريدون أن تفرضوا رأيكم وإرادتكم على إرادة شعبكم و إرادة الأغلبية وجمهور الأمة الليبية وسوادها الأعظم؟؟. [2]
مملكة أم جمهورية !؟
وكذلك سنجد من يقول بأنه يريد ليبيا مملكة دستورية كما هو الحال في المملكة المتحدة في بريطانيا تحت قيادة العائلة السنوسية ولكن الكلمة ستكون لجمهور الشعب الليبي وكلمة الأغلبية هي النافذة وأنا شخصيا ً – ومن حيث المبدأ والقناعات السياسية - وكما ذكرت في مقالات عديدة - مع الخيار الجمهوري الشوروي الديموقراطي الدستوري المحكوم بثوابتنا الوطنية وعقيدتنا الدينية لأن النظام الجمهوري هو الأقرب لروح الخلافة الراشدة في الإسلام من جهة كما أنه من جهة أخرى هو الأقرب لروح الديموقراطية كمكسب إنساني وصيغة عملية واقعية عقلانية راشدة وعادلة تدرء عن المجتمعات البشرية شرور الحكم الفردي ومفاسد الديكتاتورية حتى في ظل المجتمعات المسلمة.. ولكن – وكما ذكرت في مقالاتي تلك – إذا ثبت لنا – بشكل عملي قاطع - أن الليبيين غير مهيئين حاليا ً لإقامة نظام جمهوري .. نظام جمهوري حقيقي وليس كالجمهوريات العربية الفاشلة الحالية.. إذا ثبت لنا عدم قدرتنا على إدارة نظام جمهوري خلال هذه المرحلة من عمرنا السياسي فلا بأس عندئذ – وعندئذ فقط – من الأخذ بنظام ملكي دستوري لمرحلة مؤقتة كنظام المملكة المتحدة البريطانية حيث يكون الملك مجرد رمز للوحدة الوطنية للدولة فقط بينما يكون الحكم السياسي لجمهور الأمة (الشعب) وعندما نقول نظام ملكي فذلك يعني بالضرورة إلى أن "العائلة السنوسية هي "المرشح الأول" لتصبح العائلة المالكة في هذا النظام .. وأقول "لبأس بذلك" من باب الضرورة السياسية فقط لحفظ أمن وسلامة ووحدة البلاد وبشرط موافقة الأغلبية الشعبية من الأمة وبشرط وضع مادة في الدستور تسمح للشعب في أي وقت إلغاء الملكية وإقامة نظام جمهوري وإلا – أي إذا لم تتوفر هذه الشروط - فإن النظام الجمهوري الدستوري هو الخيار الأفضل والأعدل.[3]
عربية أم أمازيغية !؟
البعض سيقول لنا أريد ليبيا عروبية خالصة 100% وقد يريد بعض القوميين العروبيين الليبيين عوربة إخواننا الأمازيغ وكذلك الحال بالنسبة لبعض القوميين الأمازيغيين فهم قد يريدون ليبيا أن تكون أمازيغية خالصة 100% بل وقد يريد أمزغة ليبيا والليبيين كلهم على أساس عرقي أو ثقافي!.. ولكننا سنقول لكل هؤلاء أن ليبيا ليست عربية خالصة ولا هي بأمازيغية كما تزعمون فالمكون الأمازيغي الأصيل والمكون الزنجي الإفريقي (التباوي) والصحراوي (التارقي) هي مكونات أساسية في لحمة ونسيج الأمة الليبية .. مكونات يجب إعتبارها وإحترام خصوصياتها بلا من ولا أذى بحيث يكون الجميع أخوة شركاء في الوطن سواسية كأسنان المشط لا فرق بين ليبي وليبي إلا بالتقوى والعمل الصالح والعطاء الوطني .. ومع إقراري أن الطابع الغالب في ليبيا اليوم هو الطابع العربي إنتماء ً ولسانا ً كما هو ظاهر من لهجتنا الليبية (العربية) وكما هو في شعورنا بهويتنا القومية إلا أن عروبتنا الليبية ليست كعروبة إخواننا في الجزيرة العربية الخالصة فليبيا ليست عربية 100% فهذه حقيقة لا بد من الإعتراف بها بكل شجاعة وموضوعية من باب العدالة والإنصاف.. ولكن تظل ليبيا وطننا جميعا والإسلام ديننا جميعا ً وأنا شخصيا ً كنت دائما ً أردد (أبي الإسلام وأمي ليبيا) كشعار للإتجاه الفكري والسياسي الذي أحمله أي (الإتجاه الليبي الوطني الإسلامي الديموقراطي) .
مركزية أم إتحادية !؟
كذلك ربما البعض الآخر قد يقول أريد العودة للنظام الإداري والسياسي الإتحادي القديم الذي تم إلغائه عام 1963 والذي كان يقسم ليبيا إلى ثلاث ولايات متحدة (طرابلس وبرقة وفزان)!.. وإلى هؤلاء نقول أن ذلك النظام أصبح جزءً من تاريخ ليبيا السياسي والإداري والعودة إليه اليوم سيعزز الروح الجهوية والقبلية التي نريد تجاوزها نحو شيوع الروح الوطنية والمدينية في ليبيا.. ومع إقراري أن ليبيا بسبب مساحتها الكبيرة مترامية الأطراف تحتاج بالفعل إلى نظام إداري إتحادي يستفيد من فاعلية إنظمة الحكم المحلي إلا إنني أقترح اليوم فكرة نظام إتحادي إداري وسياسي على أساس جديد .. وهو على أساس "المدن الليبية الحرة المتحدة" لا على أساس الولايات والأقاليم الجهوية المتحدة .. بحيث تتحول وفق هذا النظام الإتحادي الجديد كل مدينة إلى وحدة سياسية وإدارية وإقتصادية تدير نفسها بنفسها من خلال "مجلس مدينة" منتخب (برلمان محلي) تنبثق عنه "حكومة أو إدارة محلية" تحقق تطلعات شعب المدينة.. فهذا النظام الإتحادي كما مطبق في عدة دول غربية هو الأقرب لروح الديموقراطية وسيساهم في التنمية الجهوية وسيجعل المواطنين يشعرون أن حكوماتهم على مرمى حجر منهم وسيجنبنا أفات وتعقيدات النظام المركزي خصوصا ً في دولة كليبيا مترامية الأطراف!.. وهكذا وبفعل هذا النظام الإتحادي تكتسب المدن صلاحيات واسعة في إدارة ذاتها وتحقيق تطلعاتها في ظل وحدة الدولة الليبية الإتحادية الديموقراطية التي تقودها رئاسة أو حكومة وطنية إتحادية تنبثق عن "مجلس وجامع الأمة" (البرلمان الإتحادي) بحيث لا تملك هذه الرئاسة أو الإدارة أو الحكومة الإتحادية صلاحيات واسعة في شئون المدن الداخلية المحلية ويتركز بالتالي عملها على إدارة علاقات ليبيا الخارجية في المجتمع الدولي!.. فبعد هذه الثورة الشعبية التي قامت بها شعوب المدن المحررة يحق لكل شعب مدينة حرة أن يكون له برلمانه المحلي المنتخب الذي يدير شئون مدينته وفق الدستور الليبي الإتحادي.. فليست آفة ليبيا في الديكتاتورية وتركيز السلطة السياسية في يد شخص واحد فقط بل آفاتها أيضا ً في تركيز السلطة الإدارية في يد مدينة مركزية واحدة أيضا ً وهو ما يجب أن نتغلب عليه في نظامنا السياسي والإداري الوطني الجديد من خلال النظام الإتحادي على أساس المدن والإستفادة من تجارب الحكم المحلي!.
الخلاصة؟
الخلاصة أن البعض قد يريد ليبيا ما بعد القذافي ليبرالية علمانية كما في الغرب بينما البعض الآخر يريدها خلافة وإمارة إسلامية دينية بطريقة طالبان أو إيران !!.. ووووو...إلخ ... ولكل هؤلاء نقول إنني – وأحسب أن جمعا ً غفيرا ً من الليبيين سيوافقونني فيما أقول – أدعوكم إلى ليبيا دولة وطنية مدنية ديموقراطية محكومة بثوابتنا الوطنية وعقيدتنا وشريعتنا الإسلامية – بفهم وسطي معتدل مستنير للإسلام - ولكنها قطعا ً ليست دولة دينية (ثيوقراطية) يقودها رجال الدين والملالي والفقهاء بل يقودها الساسة المنتخبون من قبل الأمة والمتخرجون من أحزاب سياسية هي بمثابة معاهد سياسية متخصصة تنتج للأمة رجال دولة متخصصين وقادة أمة مخضرمين .. نريدها دولة وطنية مدنية ديموقراطية تسع كل الليبيين بكل توجهاتهم وتعكس إرادة وشخصية المجتمع الوطني .. فلا دينية ولا علمانية في نفس الوقت!.. وقولنا (لا دينية) هنا ليس المقصود بأنها دولة بلا دين فليبيا دينها الإسلام ولكن المعنى المرفوض للدولة الدينية هو الدولة (الثيوقراطية) حيث حكم الملالي ورجال الدين والفقهاء بطريقة طالبان أو إيران حيث ولاية الفقيه العليا على الأمة!.. فهذا هو الحكم الديني المرفوض .. وقولنا أنها دولة (مدنية) فذلك يعني أولا ً أي أنها ليست عسكرية يحكمها العسكرتاريا (ضباط الجيش) وثانيا ً أنها ليست دينية بالطريقة "الثيوقراطية" المرفوضة التي ذكرناها .. ولكن من الطبيعي أنه عندما يكون الشعب مسلم كله أو غالبيته مسلمة فستتأثر الدولة الديموقراطية في سن قوانينها ورسم سياساتها بقرارات وثوابت ومقدسات هذا الشعب المسلم .. هذا أمر طبيعي ومتفق مع الديموقراطية كآلية لتحقيق إرادة وتوجهات المجتمع الوطني.
فالتحدي الحقيقي الكبير والخطير الذي سيواجه الليبيين ليس هو بالتخلص من الطاغية معمر القذافي وإسقاط نظامه الفاشي الفاشل فهذا أصبح منذ الآن مسألة وقت لا غير!.. بل إن التحدي الحقيقي والكبير والخطير الذي سيواجهنا هو إقامة البديل السياسي الراشد والناضج الذي يلبي إرادة الشعب ويحقق لليبيين تطلعاتهم في العدالة والحرية والأمن والإستقرار..إستقرار حقيقي وحضاري كريم قائم على العدالة والرضا والحرية لا على القوة والقمع والديكتاتورية !.
سليم نصر الرقعي
==========================

[1] إطلع هنا علي (رؤية أسس بناء الدولة الديمقراطية في ليبيا)

http://almanaramedia.blogspot.com/2011/03/blog-post_30.html

[2] إطلع هنا على مقالتي (العلمانية ستكون مرفوضة في ليبيا!؟)
[3] إطلع هنا على مقالتي ( ليبيا الغد ..جمهورية أم ملكية!؟)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Messages les plus consultés

facebook

https://www.facebook.com/?sk=lf
Powered By Blogger