ماذا بين العالم العربي والاسلامي وبين العالم الاميركي؟
Wednesday, May 11, 2011 - 01:49 PM
عندما تمّ قتل بن لادن من قبل الجيش الاميركي، اتجهت الأنظار كلها نحو العالم العربي والإسلامي، لمعرفة ردّات الفعل، لكنني قرّرت ان الا أنظر الى العالم العربي والمسلمين، والصدمة التي اصابتهم، فإذا كانت الولايات المتحدة الاميركية تعتبر بن لادن مجرما، وبالفعل ان قتل 4آلاف مدني هو عمل اجرامي، فإن بن لادن بالنسبة للمسلمين والعرب بجزء كبير منهم هو شهيد، ولكنني قرّرت الخروج من واقعي العربي والمنطقة الإسلامية التي اعيش فيها، ووضعت شاشات التلفزة الاميركيةامامي لكي ارى وجوه الشعب الاميركي.
قرّرت ان انظر الى المواطن محمد او احمد او علي من مجتمعي العربي ـ الإسلامي، وقرّرت ان انظر الى السيد توم والسيد جون والسيد جورج في اميركا، وشاهدت امامي عالمين: عالم اسلامي حزين بكل عديده، وعالم يشهد الفرح، ولتلك الوجهتين اسباب كثيرة.
لكنني تطلعت الى العالم وطرحت على نفسي سؤالاً، كيف يمكن مصالحة 350 مليون اميركي مع مليار و300 مليون مسلم، واي عالم هو هذا العالم المنقسم بهذا الشكل، خاصة النفسي والسياسي؟ انا لا اريد التحدّث عن الواقع الاقتصادي، والمعروف ان الولايات المتحدة الاميركية تملك معظم القوة الاقتصادية للعالم، ومعظم العالم المسلم فقير بدخل محدود، ولكن هذا الفارق لا يؤدي الى احقاد وكراهية وحروب كبرى، لم يكن في وسطي الذي اعيش فيه لدى احمد الذي يؤيد بن لادن، او محمد الذي يحبّ بن لادن وعلي الحزين على بن لادن، كلمات كثيرة حيث يعيشون حالة من الصدمة والحزن.
لكنني انظر الى ما يجري في الولايات المتحدة الاميركية والعالم العربي، وانا المسيحي العربي ادين ما قام به بن لادن، ولكن هل السادة توماس وتوم وهيغ وجورج يعرفون ما يشعر به هذا العالم الآخر من المسلمين والعرب؟ وهل يعلمون ان مليار و300مليون مسلم يعيشون حالة معاكسة غير الحالة التي يعيشها المجتمع الاميركي؟ هل المسلمون هم اعداء اميركا ام ان الانظمة التي اقامتها اميركا في الدول العربية بالقوة هي التي سبّبت العداء لأميركا.
الم يكن فرض الرئيس برويز مشرّف اكثر من 15 سنة رئيسا لباكستان عكس ارادة الشعب الباكستاني، عملا سبّب الكراهية لأميركا، وجعل الشعب الباكستاني يشعر انه محكوم لجنرال باكستاني هو اميركي النزعة والقرار، هل يعلم الاميركيون ان قادة دول النفط وغيرهم سبّبوا الكراهية من جهة بين العالم العربي والشعب الاميركي، الا يعلم الاميركي ان تشريد مئات الآلوف من الشعب الفلسطيني وبدعم اميركي مطلق لإسرائيل هو الذي سبّب العداء لأميركا؟
تطلعت في وجوه الشباب والصبايا، فرأيتهم فرحين، فأنا لا ألومهم لأنهم يتذكرون الآلاف الذين قتلوا، و60 ضابط احترقوا في البنتاغون والمئات الذين ماتوا في الطائرات التي خطفت، ولكن احمد العربي والسيد توم الذي هو اميركي لا يعرفان شيئا عن بعضهما البعض، كل واحد في جهة من الكرة الارضية، وكل واحد في عالم آخر، والأمور يجري تطبيقها في شكل معاكس. الإسلام تحدّث عن الخوف من الله وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم الأمر بالقتل، وما قام به بن لادن عكس ذلك، كما ان الدستور الاميركي الذي قام على الأخلاق والمبادئ الإنسانية لا يسمح بقتل مئات الآلاف من المدنيين، كما فعل الجيش الاميركي.
لكنّني قرّرت ان ابتعد عن مجتمعي العربي والإسلامي، وانا مسيحي عربي أعيش في لبنان، وسألت نفسي الى اي حدّ يعرف المواطنون الاميركيون المجتمعات العربية والإسلامية، ورأيت انهم لا يعرفون شيئا عن وضع مليار و300مليون مسلم عربي وغيرهم ، والمسؤوليات تقع على اميركا والانظمة الاميركية التي اقامتها اميركا على رؤوس الشعوب العربية والإسلامية عبر شخصيات وقيادات عربية واسلامية تخضع لأميركا اكثر ممّا تعرف وجدان شعبها العربي والإسلامي.
انقسم العالم على بعضه، وسقط جدار برلين، وتمدّد الإتحاد الأوروبي الى 27 دولة باتت تستخدم عملة اليورو، وتمّ الغاء الحدود بين دول الإتحاد الأوروبي تقريبا، لكن العولمة بين اميركا والعالم الإسلامي والعربي بقي في الشكل، فبدلاً من ان يكون هناك حوار حضارات وحوار مبادئ وقيم، تم استبدالها بقشرة شكلية هي »الفايسبوك« و»الغوغل« و»التويتر« و»اليوتيوب« و»الياهو« و»أم.أس.أن« وشركات تنفّذ العولمة في الاتصال، ولكنها لا تدخل الى صميم المشكلة الحقيقيّة.
ان كل يوم يتصل ملايين الاميركيين بملايين العرب والمسلمين في العالم، لكنهم يبقون في القشرة السطحية اي التعارف وكتابة عبارات عامة، اما حوار الحضارات والحوار الحقيقي، فلا يستند الى اي قاعدة او نظام الكتروني عالمي، في اميركا الوجوه مكشوفة تضحك تفرح ترقص لقتل بن لادن، اما احمد وعمر في العالم العربي والإسلامي كانوا يغطون وجوههم بالكوفية عندما يتحدّثون امام شاشات التلفزة. اما الرئيس اوباما الذي تحدّث عن قطع رأس الأفعى اي بن لادن، فإنه يتحدّث عن حادث هام، لكنّه صغير وبسيط امام الشعور العربي والإسلامي المضاد لأميركا، هل فعلا تم قطع رأس الأفعى، ام ان المثل خاطئ؟، ذلك انه في زمن بن لادن كانت القاعدة تأتمر بقيادي لها هو بن لادن، اما اليوم، فالخلايا النائمة للقاعدة ستتصرّف بمجرّد ارادتها الذاتية.
انا لا اريد ان اغرق في حادث بن لادن، انا اعرف شعبي العربي واعرف شعبي المسلم، لأنني عربي مسيحي اعيش بين اوساطهم، لكنني قرّرت الذهاب الى شاشات التلفزة الاميركية لكي اكون في كاليفورنيا وواشنطن ونيويورك، وكي اشاهد وجوه الاميركيين فعلا، وتساءلت لماذا يخفي احمد ومحمد وجهيهما بالكوفية عندما يتحدّثان الى التلفزيونات الاجنبية، بينما يرقص الاميركيون وهم يكشفون عن وجوههم وفرحهم.
مسؤولية الإدارة الاميركية والرئيس اوباما هي في فهم العالمين العربي والإسلامي، والّا فنحن امام حرب مستمرّة ستطول عشرين سنة على الأقل، إن اربعة صيادلة من القاعدة قادرين على صنع مركب كيميائي يؤدّي الى التسمّم، وهناك الف شاب مسلم يشعر بالكراهية لأميركا مستعد ان يموت ويفجّر المحتوى الكيميائي الذي صنعه اربعة صيادلة من القاعدة، المشكلة هي في العدل، المشكلة هي في القيم، المشكلة هي في الأخلاق، فهل دستور اميركا الأخلاقي يفرض عليها ان تفرض على الشعوب العربية والإسلامية زعماء لا يريدونهم شعوبهم؟ هل سألت اميركا نفسها لماذا 14 سعودياً او اكثر شاركوا في خطف الاربع طائرات وقاموا بالعمل الإجرامي في اميركا؟ ولماذا يكره السعوديون اميركا وهم يضخّون النفط ولديهم ثروات، والشركات الاميركية تصدر من السعودية يوميا حوالى مليار ونصف مليار دولار من النفط والغاز، ولننتقل الى الإمارات العربية، فهل الشعوب العربية راضية عن الأمراء والمشايخ الذين يحكمون اتحاد الامارات العربية؟ ام ان اميركا فرضتهم بالقوة، يقول الرئيس اوباما انه قطع رأس الأفعى، ولكن للأسف المثل خاطئ والحرب ستستمرّ، طالما ان التواصل شكلي وعبر »الفايسبوك«، واحمد وتوم لا يعرفان عن شعورهما ابداً، قامت الولايات المتحدة الاميركية بحرب على افغانستان والعراق وضربت القاعدة واسقطت نظام صدام حسين دون سبب له علاقة بالقاعدة، لكن الا يستحق ما حصل في اميركا في 11ايلول 2001 صرف موازنة على مراكز دراسات اميركية للتحضير لحوار حضارات بين مجتمع اميركي ومجتمع عربي اسلامي، ستعاني اميركا الكثير طالما انها تلجأ الى القوّة فقط، ولا تلجأ الى الأخلاق والقيم الذي يتضمنه الدستور الاميركي، الذي كان هو اساس نجاح اميركا.
اطفأت شاشات التلفزة الاميركية وابتعدت عن الفرح الاميركي، واطفأت شاشات التلفزة العربية واوقفت حواري مع احمد ومحمد حول بن لادن، وطرحت على نفسي سؤالا، اين النخب الاميركية والعربية التي تؤسس لحوار حضارات، خاصة وان اميركا صرفت على حرب افغانستان والعراق اكثر من 1500 مليار دولار، والمطلوب مليار دولار واحد لمراكز دراسات اميركية تفتح صفحة باب الحضارات، وتعرف المكنونات النفسية لدى احمد ومحمد وعمر بدل اللّجوء الى القنابل وقصف الطائرات فقط.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire